زنطار سليمان
ولد السيد زنطار سليمان بن محمد بلعشاري و بليلي خدوجة بتاريخ 08/05/1922م ببلدية بوشقوف٬ ولاية قالمة٬ من أسرة ميسورة الحال تزاول التجارة٬ وكان أوسط إخوته.
تعلم أول ما تعلم في كتاتيب قريته٬ ثم التحق بالمدرسة الإبتدائية حتى آخر فصل فيها٬ أين حاز على الأجازة الإبتداية. أرسله أبوه بعدها إلى زاوية «عبد الرحمن بن حملاو
ي» ناحية قسنطينة، حيث مكث بها خمس (05) سنوات ينهل فيها من علوم الشريع و الدين، فكان يجيد اللغتين : العربية و الفرنسية على حد سواء.
نضاله السياسي و العسكري : عرف “سي سليمان بلعشاري” بما امتاز به من شجاعة و شهامة و حب للوطن، و لظروف البلاد التي كانت تحت وطأة المستعمر البغيض
، ففي خضم التيارات السياسية الوطنية، تأثر بالوضع السائد فكان من طليعة الشباب الذين انتموا إلى حزب الشعب الجزائري “P. P. A”، إذ ساير جميع مراحل الحركة الوطنية : إبتداء من حزب الشعب، أحباب البيان “A. M. L” ، إلى حركة إنتصار الحريات الديمقراطية “M. T. L. D”، ثم اللجنة الثورية للوحدة و العمل “C. R. U. A”، فكان عضوا نشطا، ثم مسؤولا على قسم “بوشقوف” منذ سنة 1941. وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية، كان من بين محضري مظاهرات الثامن ماي 1954، فألقي القبض و مكث في السجن بضعة أشهر ثم أفرج عنه.
وإثر إعادة هيكلة المنظمة السرية « O. S » سنة 1947، كان من أوائل المنظمين إليها فقد لعب دورا كبيرا في التموين و التمويل بالأسلحة و المؤونة،
كما عمل على تكون المناضلين تكونا سياسيا و شبه عسكري، حيث كانت لديه إتصالات واسعة مع منضلي المناطق الأخرى (عنابة، قالمة، سوق اهراس…).
وقبيل الثورة المباركة، و بعد أن عمل جاهدا في إخراج الشهيد “باجي مختار” من السجن، بدأ معه في التحضير الجدي للثورة، فكان نائبا و مستشارا عسكريا له، إذ كلفه رحمه الله بالتموين و تحضير الرجال المخلصين الأكفاء ليحملوا راية الجهاد.
إنطلقت الثورة و أشعل فتيلها كما كان مقررا أول نوفمبر 1954 في جميع مناطق البلاد، و بعد أيام معدودات من اندلاعها، استشهد البطل “باجي مختار” يوم 19 نوفمبر 1954، فخلف فراغا إداريا بالمنطقة، و كان وقع الصدمة عنيفا و الثورة ما تزال في مهدها.
وفي شهر فيفري 1955 قام السيد زنطار سليمان بلعشاري بتكوين أول فوج فدائي في عنابة يضم أربعة (04) أشخاص هم : “بوزراد حسين”، “محمد الجيجلي”، “دراجي إبراهيم” و “بن نوالة عثمان”، فقد كان هذا الفوج اليد الضاربة في مدينة عنابة، ثم اتسع إلى أفواج أخرى، فكان عمل المجاهد “سليمان” همزة وصل بين المدينة و الجبل من حيث الإمداد بالرجال أو العتاد. وبعد كشف أمره من طرف المستعمر سنة 1956، ما كان عليه سوى أن التحق بالجبل، فكان ثمنا لذلك قتل أبيه و أخيه “عيسى” و مصادرة أملاك العائلة.
إتخذ المجاهد “سليمان بلعشاري” منطقة “بوملاس” بجبال “بني صالح” قاعدة عمليات سرية له يدير من خلالها جميع العمليات و الهجومات العسكرية ضد العدو. فقد شهدت المنطقة عدة معارك ألحقت المستعملر خسائر معتبرة عدة و عتادا، منها :
- معركة ترلي (أولاد سليم) بجبل بني صالح، في شهر مارس 1956.
- معركة الرصفة قرب مزرعة “دالي بن شواف”
- معركة دريدرة
- معركة عين الكرمة و وادي السودان (الهجوم على ثكنة عسكرية)
بعد مؤتمر الصومام (20 اوت 1956)، أصبح “سي سليمان” عضو ولاية مكلف بالإستعلامات و الإتصالات في القاعدة الشرقية برتبة “صاغ أول” (رائد)، فعمل بهذا المنصب حتى قيام الحكومة الجزائرية المؤقتة يوم 19 سبتمبر 1958، إثر ذلك عين ممثلا عاما لوزارة القوات المسلحة، كما شغل منصب رئيسا بالنيابة لدى المحكمة العسكرية إلى غاية الإستقلال حيث عين عضوا ولائيا بعنابة.
وفـاتــه : كان “سي سليمان” دوما سباقا لأعمال الخير و البر و الإحسان، فقد ساهم في إنشاء دار أيتام الشهداء ببوحديد، ولم يزل كذلك، حريصا على أداء الواجب إلى أن لزم الفراش أشهرا معدودات قبل أن تتوفاه المنية بعد مرض عضال يوم 27 نوفمبر 1975 عن عمر يناهز ثلاث و خمسين عاما.