مدور عثمان
ولد الشهيد مدور عثمان في 30ديسمبر 1920 بقرية عين احساينية التابعة لولاية قالمة وسط أسرة معروفة بتمسكها بدينها و نضالها و تضحياتها حفظ القران الكريم و هو في سن مبكرة فازداد تمسكا بدينه و لغته التي عمد المستعمر الى محاولة محو أثرها بشتى السبل ، انتقل عام 1934 الى مدينة قسنطينة حيث تابع دراسته بمدرسة حرة تابعة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين
و بعد أن قضى مدة بقسنطينة عاد الى مسقط رأسه ليشتغل في ميدان البناء الى جانب النشاط الفلاحي مع والده.
تعرضت أسرته كغيرها من الأسر الجزائرية المناضلة الى كل مظاهر القهر و الاستغالل البشع من طرف الاستعمار ، مما ألهب في نفسه روح الجهاد و النضال الذي لم تخبو جذوته في نفسه حتى قضى نحبه.
بدأ نضاله السياسي في قرية عين احساينية و هو لا يزال شابا بانخراطه في صفوف حزب الشعب فناضل ضمن خلية من خلاياها و تلقى فيها دروسا في حب الوطن ، كما اطلع على كثير من الحقائق المتعلقة بالأوضاع المأساوية لأبناء وطنه فتوسعت مداركه و قويت عزيمته على مجابهة المحتل و تعرض لعدة محن كان لها دور كبير في تكوين شخصيته الثورية الفذة .
استدعي لأداء الخدمة العسكرية الاجبارية عام 1941 بوهران و منها نقل الى فرنسا ليشارك الى جانب الجيش الفرنسي في حربه ضد ألمانية ابان الحرب العالمية الثانية و لقد اكتسب من تجنيده معارف عسكرية بتطبيقاتها الميدانية كما حصل على خبرة و حنكة جراء احتكاكه بغيره ممن المجندين الجزائريين فوظف كل ما تعلمه أثناء جهاده ضد المحتل بعد تسريحه عاد الى قريته و هو أكثر وعيا و أعمق تجربة فاستأنف النشاط السياسي في صفوف حركة الانتصار الحريات الديمقراطية و عاين ما ارتكبته السلطات الاستعمارية من جرائم في حق المتظاهرين سلميا في الــ 8 ماي 45 فكان ذلك من أقوى الأسباب لانخراطه في صفوف المنظمة الخاصة و منذ ذلك الحين عرفت حياته منعرجا هاما و خطيرا ، عرف عنه بعدها نشاطه الدؤوب في التوعية و التعبئةو تجنيد الشباب فاختاره مسؤوله ليكون همزة وصل بين كبار رموز لثورة فقد كان كثير التنقل وة الحركة السرية عبر القرى كلف بربط الاتصال مع مندوبي المنظمة الخاصة و مسؤوليها البارزين بهدف تنسيق المواقف فيما بينهم من بين كبار رموز الثورة الذين كان يتصل بهم باجي مختار بناحية سوق أهراس و عمار بن عودة بناحية عنابة و صالح بوبنيدر بوادي الزناتي و سويداني بوجمعة بقالمة و زيغود يوسف بناحية السمندو و غيرهم.
كان للشهيد الرجل الميداني للقائد الشهيد ديدوش مراد الذي كان يعرف انذاك بــ ” سي قدور“ و استمر عثمان ينشط بلا هوادة الى أن كشف أمر المنظمة الخاصة فألقي عليه القبض عام 1950 و تعرض الى أقسى أنواع التعذيب أثناء اعتقاله قبل ان يصدر الحكم عليه بالسجن مدة عامين.
بعد خروجه من السجن رجع الى قريته و هو اكثر تصميما على مواصلة النضال و استمر في تنقلاته السرية التي شملت معظم مدن و قرى شرق البلاد من أجل التحضير لمرحلة الكفاح المسلح و بعد انطلاق الثورة أشرف على هيكلة المواطنين في صفوف جبهة و جيش التحرير الوطنيين و شارك في العديد من العمليات العسكرية التي استهدفت مراكز العدو و بفضل تفانيه في العمل اسندت اليه قيادة الثورة مسؤولية ناحية ” ايدوغ“ ابتداءا من عام 1956 فتعاظمت بذلك مسؤولياته و توسعت نشاطاته ضد العدو، موظفا أثناء ذلك خبرته العسكرية و حنكته السياسية في مواجهة الة العدو الرهيبة و تطوير عمليات المواجهة بدقة و فعالية الامر الذي اهله ليرتقي الى رتبة ضابط أول عضو المنطقة الرابعة من الولاية الثانية في مطلع 1957.
اما نشاط جيش التحرير أقدم العدو الفرنسي على تكثيف عملياته الحربية و احكم الحصار على الجزائر ببنائه الخطين المكهربين شال و موريس و زرعه الالغام في المساحة الفاصلة بينهما استطاع عثمان مدور مجابهة ذلك الوضع الصعب فقاد فرق و كتائب المجاهدين ضد العدو محققا انتصارات ميدانية في جل المعارك و الكمائن و الاشتباكات التي قادها لابطال مفعول مخطط ”شال“ و خلال عملية تمشيط قام بها العدو بداية شهر جويلية 1960 شملت جبال ايدوغ التي كان بها عثمان مدور و رفقائه و نظرا للحصار الذي ضربه العدو لم يستطع عثمان الخروج فاختبأ و رفقائه في خندق منتظرين انسحاب العدو و لكنه اكتشف موقعهم فتحركت قواته باعداد كبيرة نحوهم فجابههم المجاهدون بإطلاق النارو استمروا في ذلك حتى الاستشهاد .