wilaya guelmawilaya guelmawilaya guelma

صالح بوبنيدر

أولد المجاهد صالح بوبنيدر سنة 1929 بوادي زناتي ولاية قالمة من عائلة فلاحية متوسطة الحال ، توفي والده و هو صغير ، تعلم القران الكريم في الكتاتيب  لدى عمه “الحاج عمار بوبنيدر”  ثم تابع دراسته في مدرسة (التهذيب ) و كان معلمه الشيخ ” العربي عجالي ” تحت اشراف المرشد “عبد الحميد مهري ” ، و هنا بدأ يندمج رويدا رويدا في العمل النضالي و ازدادت اتصالاته بالمناضلين  و أخذت تتبلور يوما بعد يوم و من ثمة  و كبقية الشباب الواعي المتطلع الى حال أفضل من الذي يعيشه كان سي صالح من المناضلين الاوائل في حزب حركة انتصار الحريات الديمقراطية و عمره حينها لم يتجاوز السابعة عشر سنة ، و اثناء هذه الفترة كان نموذجا للسلوك الحسن ، و الخصال السامية مما جعله محل تقدير و احترام من طرف رفقائه المناضلين لينظم بعد ذلك الى المنظمة الشبه عسكرية السرية “لوصLOS ) و كان عضوا بارزا فيها ، و لما اكتشف أمر هذه المنظمة في مارس سنة 1950 ثم اعتقال 110 مناضلا في مدن و قرى مختلفة من الشرق الجزائري كان سي صالح من ضمن المعتقلين و هذا في اطار ما كان يسمى بمؤامرة سنة 1950 (LE COMPLOT de 1950)حيث نقل الى سجن عنابة ليحول بعد ذلك الى سجن بربروس “سركاجي” الجزائر العاصمة و يطلق سراحه سنة 1952 و لكنه عاد من جديد لينشط و بفعالية أكثر في المنظمة السرية(لوص) المنحلة في الخفاء.

في سنة 1953 بعد الانقسام الذي حدث داخل حركة الاانتصار الحريات الديمقراطية وجد سي صالح و رفقائه السابقين الفرصة مواتية للتحضير لثورة و استغلال الجناح العسكري السري ، للانطلاق في العمل ضمن اللجنة الثورية للوحدة و العمل بعد ان اختاروا موقف حيادي من هذا النزاع

و بمجيء مجموعة الــ22 التي أقرت الكفاح المسلح و اندلاع الثورة في الفاتح من نوفمبر 1954 لم يتخلف سي صالح و ادى دوره في تنظيم و توعية الشعب لأجل اقناعهم للاستجابة لنداء الثورة و الالتفاف بها ، ليقوم الامن الفرنسي بالقاء القبض عليه مرة ثانية مع مجموعة من المناضلين حيث خاطبهم محافظ الشرطة قائلا : “ان حركة الانتصار قد انتهت و من يلقى عليه القبض مستقبلا سيدفع الثمن غاليا “

في بداية سنة 1955 التحق مع مجموعة من المجاهدين من بينهم المجاهد ” عبد المجيد كحل الراس ” “العيفة محجوب” “رابح بلوصيف” الى الجبل بعد قيامه رفقة مجموعة معه بعملية استهدفت شرطي بوادي الزناتي كلف اثنائها رفقة ” سي مسعود بوجريو ” بالتنسيق و التنظيم في قسنطينةو ضواحيها و عكف حينها على خلق شبكة حقيقية للثورة في القطاع القسنطيني كمؤسات الربط و الاتصال جمع و التقاط الاسلحة ، جمع الاشتراكات و الاسهامات ، انشاء مراكز العمل بالمناوبة ، تشكيل مجموعات من الحراس المراقبة الخاصة بالسلع و الأشخاص الموجهين نحو الجبل

بعد نجاح هجومات 20 اوت 1955 التي دكت معاقل العدو الفرنسي نتيجة التنظيم المحكم للثورة  بالمنطقة الثانية الذي تبناه سي صالح كاستراتيجية أصبح من المقربين للشهيد ” زيغود يوسف “

و بعد مؤتمر الصومام المنعقد في 20 اوت 1956 الذي اقره تقسيما اداريا جديا للجزائر اذ تحولت المناطق الخمسة الى 06 ولايات و عين على رأس كل ولاية قائد بمساعدة أعضاء مجلس الولاية في تسيير مختلف شؤونها حيث تولى قيادة الولاية الثانية ( الشمال القسنطيني) المجاهد لخضر بن طوبال بعد استشهاد القائد “زيغود يوسف ” .

 و في بداية سنة 1957 قام المجاهد لخضر بن طوبال بالاتصال بـ علي كافي ليعينه مسؤولا للولاية الثانية و سي صالح بوبنيدر المدعو ” صوت العرب” مسؤولا عسكريا رفقة كل من الطاهر بودربالة مسؤول الاخبار و الاتصالات و الشهيد  “علاوة بن بعطوش ” مسؤول المالية و حسين رويبخ مسؤول التموين و في هذه الفترة اهتم “سي صالح ” بتنظيم الجيش و تعبئة الجماهير و عرف حينها بحرصه الشديد و تفقده لاحتياجات الجيش و تزويدهم بالنصائح و التعليمات خلال تنقلاته الدائمة كان يالزمه مل من المجاهد “اليزيد بوبريم ” و “شريم” و بفضل مساعيه و نشاطه الدؤوب استطاع ان يكسب الولاية الثانية و بالأخص مدينة قسنطينة نشاطا سياسيا و عسكريا متميزا.

وفي بداية سنة 1959 ، التاريخ الذي قام فيه مسؤول الولاية ” علي كافي ” بالذهاب إلى تونس . ضمن خلالها ” سي صالح” الأمر باعتباره المسؤول الأول عن الولاية الثانية وقرر تأسيس تنظيم رسمي في مدينة قسنطينة جنبا إلى حنب مع ” سي مسعود بوجريو “.

وجاء مخطط شال في شهر سبتمبر سنة 1959 نتيجة القوة السياسية والعسكرية التي أصبحت تتمتع بها الثورة والدور القيادي الذي لعبته الولاية الثانية التي أصبحت ” قلب الثورة ” بعد الحركية النشطة التي عرفتها قوافل التموين ليتبنى ” سي صالح ” إستراتيجية مضادة لمخطط شال الجهنمي . و خلال الهجمة العسكرية الشرسة التي قام بها العدو المسماة  jumelle” “وعمليات التمشيط الواسعة النطاق وقصف الجبال بالنبالم والأسلحة الجوية المتطورة ، اجتمع ” سي صالح ” مع رفقائه في جيجل

واتخذوا قرارات تتمثل في إعادة تنظيم جيش التحرير الوطني وتقسيم الوحدات إلى أفواج قليلة العدد بأسلحة خفيفة وترك حرية المبادرة للمجاهدين للتكيف مع الظروف والوقائع والمستجدات التي تفرضها الأحداث ومحاربة المركزية.

بعد الاستقلال حضر ” سي صالح” مؤتمر طرابلس المنعقد في ليبيا وظل وفيا لمبادئ نوفمبر ، واضعا مصير الجزائر فوق كل اعتبار.

وفي سنة 1964، عين من طرف الرئيس السابق ” احمد بن بلة ” عضو عسكري في الجامعة العربية في جمهورية مصر العربية .

وفي 19 جوان سنة 1965 ، تم تعيينه بالمجلس الثوري الجزائري رفقة الرئيس السابق ” هواري بومدين ” كعضو بالأمانة التنفيذية لحزب جبهة التحرير الوطني حيث قام بعمل تنظيمي عظيم داخل الحزب . ويغادر المجال السياسي بعدها سنة 1967 .

وفي بعد أحداث 5 أكتوبر سنة 1988 ، كانت له مشاورات وأراء مع ” سي عبد الحميد مهري” الذي كان آنذاك كاتب عام لجبهة التحير الوطني بغية إنعاش وتجديد النظام الحزبي ولكن بتطبيق القانون الجديد الذي اقر التعددية الحزبية لم يعد الأمر ممكنا.

وبظهور التشكيلات الحزبية أصبح ” سي صالح ” من الشخصيات التي كانت الأحزاب السياسية تطمح لانضمامه إليها ومساندته لها ، ورغم تعاطفه لبعض الأحزاب السياسية إلا انه اختار أن ينشط داخل المنظمة الوطنية للمجاهدين.

شارك ” سي صالح” في مؤتمر المجاهدين سنة 1990 ، وانتخب عضو في الأمانة هو ورفيقه ” علي كافي ” كممثلي للولاية التاريخية الثانية ، واستقال من هذا المنصب بعد تعيين علي كافي رئيسا للدولة الجزائرية.

وفي جوان 1994 ، تكونت لجنة مراقبة الانتخابات وانتخب بالاجتماع رئيسا للجنة مراقبة الانتخابات ، وعند إكمال مهامه على أكمل وجه ونجاح الانتخابات عين من طرف الرئيس الجديد ” اليمين زروال ”  عضوا في مجلس الأمة .

 وبعد انقضاء عهدة ” اليمين زروال ” الرئاسية كون ” سي صالح ” حركة جمهورية تسمى لجنة التنسيق للدفاع عن الجمهورية “ C.C.D.R” وأصبح رئيسا لها .

وفي تاريخ 27 ماي 2005 ، توقف مشوار ” سي صالح ” لينتقل إلى جوار ربه بعد مرض العضال ألزمه الفراش ويدفن بمقبرة ” سيدي يحي ” بلدية بئر مراد رايس – الجزائر العاصمة – .

ومجمل القول أن ” صالح بوبنيدر”  المدعو صوت العرب هو احد القادة البارزين الذين شكلوا الرعيل الأول من المجاهدين الذين أيقظوا جبال الجزائر وجعلوها تصيح معهم صيحة الجهاد الأكبر ” الله اكبر” ورددت معهم السهول والأودية والوهاد أزيز الرصاص مؤذنة بالنصر الأكيد وسجلت شجاعتهم النادرة ومعاركهم البطولية وتضحياتهم الغالية صفحات من ذهب لترويها للأجيال تاريخ مجد وفخار وهو أيضا من أولائك الرجال الذين اخذوا على عاتقهم مهمة بناء الدولة الجزائرية.